
عرف الرقص كباقي الفنون التعبيرية التي صاحبت الإنسان منذ عصر التاريخ باعتماده على الحركة كالمسرح فهما يعتمدان على الأداء الحركي المناغم للايقاع ،
حيث بدأ يأخذ الرقص طابعا خاصا في عصر الملهاة ولذا يعد من أعرق الأشكال التعبيرية التي مارسها الإنسان منذ نشأته . فهو يأتي في طليعة الفنون الأدائية التي ميزت الحضارة الإنسانية عبر التاريخ ، وأكثرها حركة وديناميكية ، إلي جانب كونه وسيلة من وسائل التنفيس والتعبير الفردي والجماعي ..
فليس الهدف من الرقص هو خلق اجواء المتعة والترفيه فحسب ، بل إنه يتجاوز ذلك إذ يساهم في خلق علاقات صادقة مع العالم والمحيط . حين يرقص الإنسان ويغني ويطرب ، فإنه يعبر بذلك عن حاجته ورغباته وأمانيه، وهو في كلتا الحالات يطوع يخضع الطبيعة لنفسه مسبقا.
إضافة الى ذلك ، فهو لا يعبر عن رغباته وحاجاته الذاتية الخاصة أو الفردانية، بل يعبر عن تطلعات افراد جماعته ورغباتهم ، و يخلق نموذجا من الفن الذي يعكس الانقطاع عن المصالح الذاتية الخاصة ، ويبرز بشكل عفوى كممثل لأعضاءجماعته .
- لذا حين ننظر ونفكر في الفلكلور الشعبي في منطقة آفطوط ولعگيلات و نشاهد مايحدث عندهم’ اذ لم تعد المناسبات الاجتماعية أو الدينية ، أو الاحتفالية مجرد تسلية وفرح ، بل كانت أبعد من ذلك فهي مناسبات لإظهار مهارة الرجال وتدريبهم على كيفية مقاومة العدو وكيفية النجاة منه ، كل ذلك بحركات جميلة بهلوانية يعتقد متابعها للوهلة الأولى انها مجرد ارهاصات حركية ، لكن سرعان ما يدرك ان ما وراءها نيف من سر جمالى ذائع صيته مفعم بخبرة فنية في الأداء .
وتبدأ المناسبة بضرب الطبل من طرف ضاربات الدوف ويكون ذلك إيذانا ببدء الحفل الموسيقي ، وقتها يمتشق كل الرجال القادرين على حمل السلاح بنادقهم ، ويتوجهون صوب الميدان وينتظمون في صفوف ، بشكل دقيق كما تفعل الجيوش في تدريباتها ، ويردد أولئك الرجال اغاني حماسية ،يالى انسية لا ينسانى (يلالي لالا يلتبق الموت اتعال) تختلف هي الأخرى من منطقة لأخرى وترتبط بالعامل الاجتماعي والسياسي في المنطقة ، ونغمات النيفارة المحاكية للأغنية.
تجوب تلك الصفوف مناطق واسعة في عمليات تدريب محكمة على حمل السلاح و كيفية التعامل معه ، وتحت صوت البارود الذي يطرب المتدربين ويزيد من حماستهم في التحرك ، بعد كل عملية اطلاق النار . بعد ذلك يعود الرجلي ولما يقترب، يتوزع على صفين بالتساوي لتبدء عمليه القتال (لعب ، السكين) المسلية ، والتي لاتقل هي الاخرى اثارة عن كل ماسبق ، ليلي بعد ذلك “لقماس” والذي يدار هو الآخر بطريقة مذهلة ومنظمة ، مثنى مثنى او ثلاثة ثلاثة ، حسب عدد الرجال ، وتبدا المواجهات الأخيرة بين الرجال ، ليحكم الحاضرون على الجميع بمعرفة أيهم أكثر حماسا وأجمل حركات ، و أكثر دقة لحمل البندقية وأكثر جرأة على التعامل مع البارود . وحتي صوت الطلقات الذي يعبر عن جودة البارود
ويزداد الأمر ضراوة واثارة عندما تكون المناسبة مشتركة بين منطقتين ، أو أدابيين مختلفين في الانتماء. تكون المنافسة وعرض ملكوة الموهبة عند ساحة لعب
وفي النهاية يفسح للعميد المجال للرقص (الديداي ) اولعب الصغير كمايسميه البعض يبدأ بلوح الغناية وفي منتصف الشد تكسر (اي تكون في حماس اكثر ) ويكون الأصوات بأخر الكلمة بتنسيق مع تسفيق وتفاعل ومن الأغاني في هذا المقام (ايان ليلي اندور باكلي ) اجديع مذكورن ازراد كالنه لحكت انجاجبني يبقى الشباب في اعلى حماس من اجل عرض مهاراتهم وقدراتهم في الرقص وانتقلت هذه الرقصات من جيل إلى جيل، وألّفت الشعوب أغاني راقصة، ونشأت أغلب الرقصات الشعبية شكلاً من أشكال ، الفرح والتعبير الروحي .
واليوم يمكن الإشارة إلى نشوء الظواهر الثقافية الجديدة التي تتفق مع المعاصرة وسرعة التقدم في المجتمع، مما يؤدي إلى تدمير وتشويه المورث الثقافي اذا لم يتم الحفاظ عليه