تختزن بعض الدور الموريتانية العتيقة تراثا ماديا قيما تم الاحتفاظ به منذ عهد الأوائل ساكني الادغال والاودية والسهول في وطننا الجميل إذ ما من مدينة موريتانية إلا وبها مستودع للالات القديمة من بينها رفيقنا في هذه السطور الطبل الذي عادة يكون مركونا بزاوية من زوايا بيت عتيق؛معهود برعايته لنسوة ( امواليات الطبل) يواظبن على الاعتناء به وتفقده في زيارات شهرية كطقوس لا تندمل وللطبل حكايات كثيرة إذ يقول بعض كبار السن الذين واكبوا أيام الطبل الذهبية أن الاعتناء به وتخصيص له مكان خاص يعود إلى ما قبل الاستقلال اي قبل قرن

والجدير بالذكر ان تاريخ الطبول الموريتانية تحوم حولها كثير من الروايات والاساطير ولا تزال كل مجموعة تحافظ على طبلها كجزء من وجدانها
وان كان مقامنا هنا ليس للدور الموريتانية العتيقة وما تحتويه من تراث مادي ولامادي وإرث يستحق أن يستكشف الا أن الحديث عن الطبل خارج الدور والنسوة يبقى حديثا مبتورا من سياقه وأهله ومكانه.
ويترجم ان تاريخ الطبل او تبلدي او دندري حسب بعض المسميات الى عصر بعيد إذ واكبة مرحلة الافاقة الاولى للمجموعة البشرية وكان من الآلات التي عبر بها الإنسان عن افراحه واتراحه وتعدي الطبل ذلك الى انه استخدم لنقل الأخبار واستدعاء الرجال لحضور الاجتماعات السياسية واخبار الناس عن المستجدات كما انه لا يزال سيد اخبار الناس لحضور الولائم والتغني وهزيمة النكد.
يعود تاريخ الطبل الى اربعة آلاف سنة قبل الميلاد
- إذا نظرنا في مكانة الطبل عالميا وتاريخه القديم فله وجدان الى درجة التقديس عند بعض الشعوب القديمة على غرار السومريين والبابليين اذ يعتبر رمزا لتلك الثقافات فهو اكثر الة موسيقية انتشارا واستعمالا في القارة والعالم مع ان لكل بلد طبوله التي تميزه وتسميته في حين نطلق عليه الطبل يطلق عليه زنجيا ( تبالدا ) ( ودندريه )
كما انه منتشر في العالم العربي وبمسميات أخرى ففي الإمارات تشتهر انواع من الطبول مثل الطبل (المسندو ) اكبر انواع الطبول المحلية التقليدية فهو افريقي الأصل وحجمه يقارب البرميل الكبير وطبل “الشوبان” والرحماني نوع اخر من الطبول
يجلس ضارب الطبل بعد ان يسند العازف كوعه على ركبته مباشرة بكلتي راحتي اليد وأحيانا أخرى برؤوس الأصابع وفقا للرغبة في الرفع او التخفيض من الإيقاع كما يقال “إريتم” أي يضرب الطبل والضرب عليه “أراتيم” و عند الرحيل يضرب ثلاث مرات ويسمونه اخبيط الرحيل وكما نجد في المثل الشعبي “غمزيت”اطبل كناية للشخص الذي لايحفظ الأسرار الطبل يمثل رمزا من رموز السيادة وعنصرا مهما في نظام الإمارة او القبيلة
فهو يصنع من مواد متنوعة تتداخل مادية دورها الفريد من جلود البقر والخشب وخاصة اشجار تيشط وإگنين ويط والطلح.
الطبل ارتيم الصوت العذب الذي لا يضاهي حكايا البشر على الأرض ومع قرعه وما يحمله من مشاعر الهيبة والإثارة والقوة أضحى الطبل ملازما للشعوب وكان حافزا لروح أغانيها وأهازيجها فكانت إيقاعاته تدعو النسور لحمل الرسالة إلي الخلاق وترمز لنبض قلب الأرض وهي تبارك من سكن على أديمها
الطبل لايحتاج إلي التعريف فهو معرف بأصواته وأدواره التي اضطلع بها منذ فجر الحضارة الإنسانية ولما يزل مصرا على ان يكون رفيق السلم والحرب. والشاهد إذا استنطق حول مسيرة الإنسان
