جماعة التبليغ والدعوة (الدعاة) هي جماعة إسلامية أقرب ما تكون إلى جماعة وعظ وإرشاد منها إلى جماعة منظمة، تقوم دعوتها على تبليغ فضائل الإسلام لكل من تستطيع الوصول إليه، ملزمة أتباعها بأن يقتطع كل واحد منهم جزءاً من وقته لتبليغ الدعوة ونشرها بعيداً عن التشكيلات الحزبية والقضايا السياسية، ويلجأ أعضاؤها إلى الخروج للدعوة ومخالطة المسلمين في مساجدهم ودورهم ومتاجرهم ونواديهم، وإلقاء المواعظ والدروس والترغيب في الخروج معهم للدعوة. وينصحون بعدم الدخول في جدل مع المسلمين أو خصومات مع الحكومات .
المؤسس هذه الجماعة هو الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي 1303 – 1364هـ، ولد في كاندهلة، قرية من قرى سهار نفور بالهند، تلقى تعليمه الأولي فيها ، ثم انتقل إلى دهلي، إذ أتم تعليمه في مدرسة ديوبند التي هي من أكبر مدارس الأحناف في شبه القارة الهندية، وقد تأسست عام 1282هـ ـ 1867م .
تلقى تعليمه الأولي على يد أخيه الذي يكبره سنا وهو الشيخ محمد يحيى الذي كان مدرساً في مدرسة مظاهر العلوم بسهار نفور .
– الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي 1829- 1905م ، وقد بايعه الشيخ محمد إلياس على الطريقة سنة 1315هـ .
جدد البيعة علي الشيخ خليل أحمد السهار نفوري أحد أئمة الديوبندية .
اتصل بالشيخ عبد الرحيم الرائي فوري واستفاد من علمه وتربيته .
أخذ بعض علومه عن الشيخ أشرف على التهانوي 1288- 1364هـ 1863 –
1943م، وهو الملقب لديهم بـ (حكيم الأمة) ..
أخذ عن الشيخ محمود الحسن 1268- 1339هـ 1851- 1920م وهو من كبار علماء مدرسة ديوبند ومشايخ جماعة التبليغ .
من رفاقه المقربين الشيخ عبد الرحيم شاه الديوبندي التبليغي : قضى مدة كبيرة في أمر التبليغ مع الشيخ محمد إلياس ومع ابنه الشيخ محمد يوسف من بعده .
الشيخ احتشام الحسن الكاندهلوي : زوج أخت محمد إلياس ومعتمده الخاص، قضى مدة طويلة من حياته في قيادة الجماعة ومرافقة الشيخ المؤسس .
الأستاذ أبو الحسن علي الحسني الندوي : مدير دار العلوم لندوة العلماء لكنهو الهند، وهو كاتب إسلامي كبير على صلة وثيقة بالجماعة .
الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي 1335هـ – 1917- 1965م وهو ابن الشيخ محمد إلياس وخليفته من بعده، ولد في دهلي، تنقل كثيراً في طلب العلم أولاً، وفي نشر الدعوة ثانياً، زار السعودية عدة مرات حاجاً، والباكستان بشطريها، كانت وفاته في لاهور، نقل جثمانه بعدها ليدفن بجانب والده في نظام الدين بدهلي .
– ألف الشيخ أماني الأخبار وهو شرح معاني الآثار للطحاوي، وكتابه الشهير حياة الصحابة كما خلف ولداً اسمه الشيخ محمد هارون وهو يسير على منهجه وطريقته .
الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي 1315 – 1364 هـ وهو ابن عم الشيخ محمد يوسف، وزوج أخته، وهو الذي أشرف على تربيته وتوجيهه، ويصفونه بأنه ريحانة الهند، وبركة العصر. كان شيخ الحديث والمشرف الأعلى لجماعة التبليغ، وليس له نشاط في صفوف الجماعة حالياً .
الشيخ محمد يوسف البنوري مدير المدرسة العربية بنيوتاون كراتشي، وشيخ الحديث فيها، ومدير شهرية بالأوردية، ومن كبار علماء ديوبند وجماعة التبليغ .
المولوي غلام غوث الهزاروي من علماء الجماعة، كان عضواً في البرلمان المركزي .
المفتي محمد شفيع الحنفي : وهو المفتي الأعظم بباكستان) كان مديراً لمدرسة دار العلوم لاندهي كراتشي، وخليفة حكيم الأمة أشرف على التهانوي، ومن علماء جماعة التبليغ.
الشيخ منظور أحمد النعماني : من علماء الجماعة، ومن أصحاب الشيخ زكريا، وصديق للأستاذ أبي الحسن الندوي، ومن علماء ديوبند .
إنعام الحسن : هو الأمير الثالث للجماعة إذ تولاها بعد وفاة الشيخ محمد يوسف ولا يزال في منصبه إلى الآن، كان صديقاً للشيخ محمد يوسف في دراسته ورحلاته فهما.
متقاربان في السن متماثلان في الحركة والدعوة .
الشيخ محمد عمر بالنبوري : من المرافقين للشيخ إنعام ومن مستشاريه المقربين .
الشيخ محمد بشير : أمير الجماعة في الباكستان، ومركزهم الرئيسي فيها رايوند بضواحي لاهور .
الشيخ عبد الوهاب : من كبار المسؤولين في المركز ذاته بالباكستان .
الشيخ إبراهيم عزت : إمام مسجد أنس بن مالك بحي الزمالك بالقاهرة وأمير الجماعة في مصر، توفي يرحمه الله عام ۱۹۸۱م أثناء رحلة العمرة، ودفن في البقيع بالمدينة المنورة .
قرر المؤسس لهذه الجماعة ستة مبادىء جعلها أساس دعوته، ويحصرون الحديث فيها في مؤتمراتهم وبياناتهم العامة :
- الكلمة الطيبة (لا إله إلا الله محمد رسول الله ) .
- إقامة الصلاة ذات الخشوع .
- العلم والذكر .
- إكرام المسلمين .
- الإخلاص .
تقوم طريقتهم في نشر الدعوة كما يلي :
تنتدب مجموعة منهم نفسها لدعوة أهل بلد ما، إذ يأخذ كل واحد منهم فراشاً بسيطاً وما يكفيه من الزاد والمصروف على أن يكون التقشف هو السمة الغالبة عليه. عندما يصلون إلى البلد أو القرية التي يريدون الدعوة فيها ينظمون أنفسهم أولاً بحيث يقوم بعضهم بتنظيف المكان الذي سيمكثون فيه، وآخرون يخرجون متجولين في أنحاء البلدة والأسواق والحوانيت ، ذاكرين الله داعين الناس لسماع الخطبة أو (البيان) كما يسمونه .

إذا حان موعد البيان التقوا جميعاً لسماعه، وبعد انتهاء البيان يطالبون الحضور بالخروج في سبيل الله، وبعد صلاة الفجر يقسمون الناس الحاضرين إلى مجموعات يتولى كل داعية منهم مجموعة يعلمهم الفاتحة وبعضاً من قصار السور . حلقات حلقات . ويكررون ذلك عدداً من الأيام . قبل أن تنتهي إقامتهم في هذا المكان يحثون الناس للخروج معهم لتبليغ الدعوة، إذ يتطوع الأشخاص لمرافقتهم يوماً أو ثلاثة أيام أو أسبوعاً … أو شهراً .. كل بحسب طاقته وإمكاناته ومدى تفرغه تحقيقاً لقوله تعالى : ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) والعدد الأمثل للخروج أن يكون يوماً في الأسبوع وثلاثة أيام في الشهر وأربعين يوماً في السنة وأربعة أشهر في العمر كله .
– يرفضون إجابة الدعوة إلى الولائم التي توجه إليهم من أهل البلدة أو الحي؛ حتى لا ينشغلوا بغير أمور الدعوة والذكر، وليكون عملهم خالصاً لوجه الله تعال . لا يتعرضون إلى فكرة إزالة المنكرات معتقدين بأنهم الآن في مرحلة إيجاد المناخ الملائم للحياة الإسلامية، وأن القيام بهذا العمل قد يضع العراقيل في طريقهم وينفر الناس منهم .
يعتقدون بأنهم إذا أصلحوا الأفراد فرداً فرداً فإن المنكر سيزول من المجتمع تلقائياً.
إن الخروج والتبليغ ودعوة الناس هي أمور لتربية الداعية ولصقله عملياً؛ إذ يحس بأنه قدوة، وأن عليه أن يلتزم بما يدعو الناس إليه. يرون بأن التقليد في المذاهب واجب، ويمنعون الاجتهاد معللين ذلك بأن شروط المجتهد الذي يحق له الاجتهاد مفقودة في علماء هذا الزمان .
تأثروا بالطرق الصوفية المنتشرة في بلاد الهند، وعليه فإنه تنطبق عليهم
جملة من الأمور التي يتصف بها المتصوفة مثل :
– لا بد لكل مريد من شيخ يبايعه، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية وكثيراً ما تتم البيعة للشيخ في مكان عام، إذ تُنشر على الناس أردية واسعة مربوط بعضها ببعض مرددين البيعة بشكل جماعي، ويفعل ذلك في جمع غفير من النساء كذلك. المبالغة في حب الشيخ، والمغالاة كذلك في حب الرسول، ، مما يخرجهم في بعض الأحيان عن حدود الأدب الذي يجب التزامه حيال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام .
إقامة المنامات مقام الحقائق حتى تكون هذه المنامات قاعدة تنبني عليها أمور تترك أثرها على مسيرة الدعوة. يعتقدون أن التصوف هو أقرب الطرق لاستشعار حلاوة الإيمان في القلوب. ترد على ألسنتهم أسماء أعلام المتصوفة مثل عبد القادر الجيلاني المولود في جيلان عام 470هـ، والسهروردي وأبو منصور الماتريدي ت 332 هـ، وجلال الدين الرومي المولود عام 604 هـ صاحب كتاب المثنوي .
- تقوم طريقتهم على الترغيب والترهيب والتأثير العاطفي، وقد استطاعوا أن يجتذبوا إلى رحاب الإيمان كثيراً من الذين انغمسوا في الملذات والآثام وحولوهم إلى العبادة والذكر والتلاوة، لا يتكلمون في السياسة، وينهون أفراد جماعتهم عن الخوض في مشكلاتها وينتقدون كل من يتدخل فيها، ويقولون بأن السياسة هي أن تترك السياسة، ولعل هذه النقطة هي جوهر الخلاف بينهم وبين الجماعة الإسلامية التي ترى ضرورة التصدي لأعداء الإسلام في القارة الهندية.
بعض الملاحظات المآخذ عليهم
إنهم يتوسعون توسعاً أفقيا كميا لا نوعيا إذ إن تحقيق التفوق النوعي يحتاج إلى رعاية ومتابعة وعلم، وهذا ما تفتقده هذه الدعوة؛ ذلك لأن الشخص الذي يدعونه اليوم قد لا يلتقون به مرة أخرى، وقد يعود إلى ما كان عليه تحت تأثير مغريات الحياة وفتنها .
ولذلك فإن تأثيرهم لا يدوم طويلاً أمام التيار المادي الجارف؛ إذ لا بد لمن غرس غرسة أن يتعهدها، لا يضمهم تنظيم واحد متسلسل، بل هناك صلات بين الأفراد وبين الدعاة تقوم على التفاهم والمودة، يؤولون أحاديث الجهاد على الخروج مما يكاد ينسي الجهاد في سبيل الله ، كما يتساهلون كثيراً في رواية الأحاديث الضعيفة مع الإكثار من ذكر الكرامات التي تحصل لأتباعهم ولغيرهم من الصالحين، يلجؤون إلى النوم والأكل في المساجد تقليلاً للنفقة، وينتقدهم البعض لهذا المسلك، وبخاصة في البلاد الأجنبية، ولكن هذا المسلك لا يعيبهم طالما أنهم لا يغادرون المساجد إلا بعد أن تكون أكثر نظافة وأحسن ترتيباً .
لا يكفي عملهم لإقامة أحكام الإسلام في حياة الناس، ولا يكفي لمواجهة التيارات الفكرية المعادية للإسلام التي تجند طاقاتها كافة لحرب الإسلام والمسلمين أسلوبهم يترك أثره بشكل واضح على رواد المساجد من المسلمين، أما أولئك الذين يحملون أفكاراً وإيديولوجيات معينة فإن تأثيرهم عليهم يكاد يكون معدوماً.
يقال عنهم بأنهم قد أخذوا بعضاً من الإسلام وتركوا بعضاً منه، وهذه التجزئة لحقائق الإسلام تتنافى مع طبيعته الواحدة الشمولية ومنطقهم دائماً يقول : السياسة أن تترك السياسة، ولكنهم على الرغم من ذلك لم ينجوا من ضربات المتسلطين وقد حظر نشاطهم في أكثر من بلد، ومع ذلك ينبغي ألا يغفل ما لها من حسنات وفضائل ، فقد دخل على أيديهم خلق كثير إلى الإسلام، وترك آخرون من المسلمين على أيديهم سبل الغواية والرذيلة، بل استطاعوا أن يخترقوا قبل غيرهم الستار الحديدي الذي فرضته الشيوعية على بعض البلاد.
الجذور الفكرية والعقائدية
إنها جماعة إسلامية مصادرها الرئيسية كتاب الله وسنة رسوله ، وعقيدة مؤسسيها وكبار علمائها ودعاتها في شبه القارة الهندية هي عقيدة الماتريدية نفسها. على أن مذهبهم الفقهي هو المذهب الحنفي ..
تأثروا بالمتصوفة وبخاصة الطريقة الجشتية والقادرية والنقشبندية والسهروردية في الهند، ويقيمون اعتباراً خاصاً لأعلام المتصوفة في التربية والتوجيه ..
- هناك من يعتقد بأنهم قد أخذوا أفكارهم عن جماعة النور في تركيا .يعتمدون في اجتماعاتهم في البلاد العربية على القراءة من رياض الصالحين، وفي البلاد الأعجمية على القراءة من حياة الصحابة، وتبليغي نصاب والأخير مليء بالخرافات والأحاديث الضعيفة، يطالبهم كثير من العلماء السلفيين بالإقلاع عن اللجوء إلى كتابة التمائم المملوءة بالطلاسم وترك الأوراد والأذكار البدعية، وترك اعتماد الرؤى والأحلام مصدراً من مصادر الاستدلال والاهتمام بالعلم الشرعي وبخاصة علم التوحيد.
بدأت دعوتهم في الهند وانتشرت في الباكستان وبنجلاديش، وانتقلت إلى العالم الإسلامي والعالم العربي، إذ صار لهم أتباع في سوريا والأردن وفلسطين ولبنان ومصر والسودان والعراق والحجاز .
دعوتهم في معظم بلدان العالم في أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا، ولهم انتشرت جهود مشهود لها في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام في أوروبا وأمريكا .
مرکزهم الرئيسي في نظام الدين بدهلي، ومنه يديرون شؤون الدعوة في العالم، التمويل المالي يعتمدون فيه على الدعاة أنفسهم، وهناك تبرعات متفرقة غير منظمة تأتي من بعض الأثرياء مباشرة أو بابتعاث الدعاة على حسابهم الخاص .
ويتضح مما سبق : أن جماعة التبليغ هي : إحدى الجماعات المنتسبة للسنة، إذ تستمد منهجها من كتاب الله وسنة رسوله، وتعد سندا عاطفيًا واجتماعيا لمسلمي شبه القارة الهندية، وهي رمز من رموز الدعوة إلى الله في أوروبا والأمريكتين. وتقوم الدعوة عند هذه الجماعة، على أساس الكلمة الطيبة والخشوع في الصلاة والعلم والذكر وإكرام المسلمين والإخلاص والخروج في سبيل الدعوة. ويمتاز دعاتها بالزهد، ولكنهم يعتقدون أن التصوف (بمفهومه القائم) هو أقرب الطرق لاستشعار حلاوة الإيمان.
#المصدر : الموسوعة الميسرة في الأديان والمَذَاهِبْ وَالأَحْزَاب المعاصرة
مراجع للتوسع :
حياة الصحابة، الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي
الموسوعة الحركية ، فتحي يكن
جماعة التبليغ عقيدتها وأفكار مشايخها ، ميان محمد أسلم الباكستاني، وهو بحث مقدم لكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
الطريق إلى جماعة المسلمين، حسين بن محسن بن علي بن جابر
مشكلات الدعوة والداعية ، فتحي يكن
السراج المنير ، الدكتور تقي الدين الهلالي .
الدعوة الإسلامية فريضة شرعية وضرورة بشرية، الدكتور صادق أمين
حقيقة الدعوة إلى الله تعالى وما اختصت به جزيرة العرب، سعد بن عبد الرحمن الحصين
رأي آخر في جماعة التبليغ . سعد الحصين، بحث مقدم إلى ندوة اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر