[كتابات رأي] في الفيديو، تتجلى إحدى مزارع وادي بوبقجهَ كلوحة طبيعية آسرة، حيث تمتد الحقول بلا نهاية، مكسوة بسنابل الزرع الناضجة التي تتمايل تحت نسيم الرياح. تبدو السنابل مُعَكْلة، مستعدة لرحلتها الأخيرة نحو الحصاد، في مشهد يعكس سخاء الأرض وكرم الطبيعة.
الطرق المتعرجة تنطلق من العريش القابع في وسط المزرعة، لتقود المزارعين إلى حقولهم، حيث يعتنون بالمحاصيل بعناية ومراقبة مستمرة، في علاقة تنبض بالارتباط الوثيق بين الإنسان وأرضه. هذه الحقول، الممتدة ضمن وادي بوبقجهَ العريق، تحمل جزءًا من روح المنطقة التي تضم وديانًا أخرى كـوادي الجبْ، وباأماراه، والغبرة، ووادي بولحراث، المعروفة بجودة محاصيلها وخصوبة أراضيها.
وفي هذه الصورة، التي التُقطت سابقًا في مدينة Buffalo، نيويورك، يظهر تحضيري لوجبة من الكسكس القادم من مزارع وادي بوبقجهَ. هذا الكسكس المصنوع بعناية فائقة، يحمل عبق الحقول وروح المزارعين الذين عملوا بجهد لإنتاجه. خلال هذه اللحظات، شاركت ضيوفي طعم خيرات هذه الأرض، حيث كانت الوجبة تجربة ثقافية حية تربط بين الماضي والحاضر.
ومما لفت انتباهي حينها أن ضيوفي، بعد تناول الوجبة، بدؤوا بالبحث عن وادي بوبقجهَ على خرائط غوغل، للتعرف على المنطقة التي لم يسمعوا بها من قبل. هذا الاهتمام البسيط اعتبره خطوة مهمة، إذ إن تسليط الضوء على هذه المناطق وتعريف العالم بها يعزز قيمتها ويربط بين ثقافتنا وتراثنا وأبعد الأماكن.
مشاهدتي لهذا الفيديو اليوم تذكّرني بضرورة الوقوف إلى جانب سكان هذه المناطق الزراعية. لذا، أوجه دعوة إلى الدولة الموريتانية والمسؤولين الحكوميين لتقديم الدعم اللازم للمزارعين في وادي بوبقجهَ والوديان المجاورة. تحسين البنية التحتية، توفير أدوات الإنتاج الحديثة، وتعزيز تسويق منتجاتهم، يمكن أن يكون خطوات مهمة لتطوير هذه المجتمعات وضمان استمراريتها.
الكسكس الموريتاني هو جزء من تراث ثقافي غني، يحكي قصة العطاء الممتد عبر الأجيال. دعمه لا يقتصر على كونه مساهمة اقتصادية، بل هو حفاظ على أصالة هذا المنتج وتعزيز مكانته، وضمان أن تصل خيرات الأرض إلى العالم، محملة بعبقها وروح العمل الذي صنعها.
كامل الود
كتبه : اسلكو امخيطير
Buffalo NY
12/24/24