تطلق الهوية على مجموعة الخصائص والمحددات والسمات والمعتقدات والقيم المميزة التي تميز الشخص أو المجموعة، وتشكل تفردهم وإحساسهم بالذات يدخل في ذلك الدين اللغة والثقافة والعادات والتقاليد والتاريخ .
فأين الحراطين من هذه الخصائص والمحددات؟ وهل يمكن أن يطلق عليهم قومية؟ ● اللغة يتحدث الحراطين اللهجة الحسانية التي تدخل في إطار الثقافة العربية ويشترك معهم في الحديث بها قبائل صنهاجة البربرية (البظانية) لكن ذلك لا يجعل أي من المكونتين تنصهر في الاخري لأن اللغة ليس من اقوى محددات الهوية وبالتالي أن العرب الفرنسيين والامازيغيين البربريين في فرنسا لم يتمكنوا من اكتساب الهوية الفرنسية رغم انتمائهم للوطن الفرنسي، الشيئ نفسه ينطبق على السود الأمريكيين.
هذا ينفي ما قاله الناشط السياسي نور الدين فيما يتعلق بالحديث بالحسانية في إطار المحدد الأول للهوية.● الثقافة: تختلف الثقافة الصنهاجية في موريتانيا حتى لا أقول العربية عن ثقافة الحراطين جملة وتفصيلا ولا يوجد مشتركات بين الثقافتين 《محددات الثقافة》▪الفن: لا يختلف اثنان أن الفن لدى صنهاجة يختلف عن الفن لدى الحراطين ف (المدح ،بنج ، لقماس ، اطبل لكبير ، الردح) ، كل ذلك من ثقافة الحراطين ضف إلى ذلك الالعاب ( هيبه ، هاشه ، انطب قيز قاز …) هذا مقابل أشوار الظل بالنسبة للبيظان▪الموسيقى: تختلف الموسيقى بين المكونتين ف{النيفارة ،وأرباب ،و أم زقيبه} هذه آلات موسيقية خاصة بالحراطين ويطربون لسماعها وتحرك نغماتها وجدانهم عكس مكونة البيظان التي لآلات لها في الأصل وإنما لديهم آلات استوحوها من العمق الأفريقي سواء كانت آردين أو التدنيت ▪الرقص : عندما نتابع نوعية الرقص في المكونتين لا نجد تشابه بينها فالرقص عند البيظان اقرب هو لنوعية الرقص عند الطوارق والأمازيغ منه لنوعية الرقص عند الحراطين الذين يشابه الرقص عندهم الرقص في منطقة غرب أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي.
كذلك نوعية الطقوس والمأكل تختلف حتى بين المكونتين ، اما الملبس الذي استشهد به الناشط السياسي نور الدين فيبدوا أنه لا يعرف أن الدراعة ثقافة افريقية خالصة وليست من ثقافة العرب ولا البربر ، وكذلك الملحفة فهي من ثقافة شعوب القرن الأفريقي والتي شبه ابو التاريخ هرودت سكان هذه الأرض الأصليين بهم والذين سماهم بأصحاب البشرة المحروقة.
اذا الملحفة هي من ثقافة الحراطين المستوحات من ثقافة سكان القرن الأفريقي.واذا ماعندنا لتعريف الهوية عند علماء الاجتماع فلا يمكن لأي حال من الأحوال وجود الحراطين والبيظان في هوية واحدة فلا التماثل قائم بينهما في شيئ لا في اللون والا السلوك ولا الطقوس ولا طريقة التفكير ولا حتى المعيشة ولا السمات النفسية…وبالنسبة لمحددات اليوم فإن التمايز واضح بين المكونتين فالغبن ، والإقصاء، والتهميش ، والحرمان ، والعبودية ، والطبقية كلها محددات تميز مكونة الحراطين عن مكونة البيظان والجميع يدرك ذلك،ولكن ما يريده الناشط نور الدين هو إيصال أو إيقاع الحراطين في أزمة هوية ، ومن المعروف أن أي مجتمع فقد هويته حكم على نفسه بالزوال.
اذن على الجميع ان يدرك أن الحراطين مكونة مستقلة عن البيظان وجميع المحددات العلمية تثبت ذلك ، ولا علاقة للحراطين بالبيظان سوى تاريخ وإرث الاستعباد القيت.
وعلى نور الدين وأمثاله البحث عن هوية البيظان لأنها مفقودة بين الهوية الأمازيغية والعربية
بقلم الأستاذ : عبدات محمد بوسحاب