كتبه الاستاذ : محمد ورزك محمود الرازك
تخلد بلدنا ذكري عيد الاستقلال الوطني المجيد بعد مرور 64 سنة من الاستقلال وما يزيد على 100 سنة من الاستغلال والتهميش والاقصاء لمكونة لحراطين.
تعتبر موريتانيا البلد الأفريقي الثاني بعد المغرب من حيث البنية الإقتصادية و المنجمية من دول غرب أفريقيا حسب دراسات المؤسسة البحثية الأمريكية The Haritage Fondation كما تحتمل المرتبة 110 عالميا من أصل 184 دولة مما لا يدع مجالا للشك في القدرة على رفاهية المواطن و توفير اليد العاملة للكفاءات الوطنية الشبابية ومنعها من الهجرة.فالتاريخ والاحداث شاهدة على إقصاء لحراطين من طرف مجتمع البيظان والزنوج وقادة الانقلابات العسكرية، إذ لا ينذر الواقع الحالي بمستقبل لادماج المحرومين ولا وجود لبوادر مشجعة في مسار الأداء الحكومي من أجل احتواء الموقف وكأن الإقصاء الممنهج وعدا بلفوريا بنكهة بربرية جوفاء أو اتفاقا كمديفيديا بعقلبة زنجية أو اتفاقا طائفيا بروح دينية أو مؤتمرا كبولانيا بلهجية عرقية و فكرة أديولوجية.
إنه من شبه المؤكد ان نتوقع فى ما قبل قيام الدولة سعي المجتمع الموريتاني بكل مكوناته إلى خلق طبقة مهمشة ومقصية من كل الفئات الاجتماعية بغية خدمة المجتمع في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحرفية مع الحرمان من التعلم و التعليم وكان لمكونة لحراطين الحظ الاوفر من الاهانة والاحتقار المتمثل في حفر الآبار و جلب الماء والحطب والزراعة و صناعة الفحم والرعي والاشغال المنزلية فحين كانت الطبقات المهمشة الأخري أحادية المهنة في الصناعة الحرفية التقليدية ورعاية العيس ( الأيل) وتمجيد الأسياد من طرف اكاوين المغنين أنها فلسفة التكامل بين القوي والضعيف والغني والفقير والمتعلم والجاهل ومن له الغلبة على الآخرين بفضل النهب والظلم والسرقة، الا أن الطبقة الكادحة من لحراطين ظلت تنافح وتكافح من أجل الحرية والمساواة والشرف والعدالة الاجتماعية في وطنها.بعيد مؤتمر الاك 1957 تجسدت منطقيات الوعود و المؤامرات الآنفة الذكر بمقايس بيظانية و متزنجية وكان لا بديل عن ولادة دولة عصرية تنصف جميع ابنائها لا على اساس اللون أو اللهجة شريطة أن يخضع الكل في تلك المناسبة ” إرهاصات ” عيد الاستقلال لمساءلة غير مسبوقة حول ماض ظلم تعس اتسم بالغبن والجفا لكن الإخوة لم يكونوا صادقين مع مكونة لحراطين فقد خذلوها في نهاية المطاف باعتبارهم حلقة وصل بين الزنوج والبيظان كما هو منصوص عليه في المادة الثانية من مسودة بنود مؤتمر الاك وعد كبولاني ( بلفور) فالناطقين باللهجة الحسانية بيظان والناطقين باللهجة الزنجية متزنجين كما نص عليه شرع من قبلنا” سلمان منا نحن آل البيت”،وبعد 64 سنة من الاستقلال لم تولى الحكومات المتعاقبة على الوطن اي اهتمام لتأسيس دولة المؤسسات والعدالة الاجتماعية والمساواة ما تستحق من عناية.
- إن التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والانقلابات العسكرية المحدق بالبلد تجعل الحكومة الحالية على قدر من الحنكة السياسية والمسؤولية في دمج هذه المكونة وكل الفئات الأخري التي عرفت التهميش والاقصاء والظلم حتي نتجاوز مرحلة التحشد التى انطلقت منذ العقد الماضي وعرفت منحا تذبذبيا في الهبوط والصعود في الانتخابات الرئاسية. مع تطوير وتعزيز التعاون والاندماج و التلاحم بين كل اعراقنا.
فالدولة مازالت قادرة على امتصاص كل الضغائن و الشحنا الفئوية والطائفية وقطع الطريق أمام ما يحدق بالبلد من تربصات إقليمية ودولية وذلك عبر بناء آليات التعايش السلمي انطلاقا من حوار شامل يحقق العدالة والمساواة والشرف والتقاسم العادل للثورة بوصفها تنظيما حيويا يضمن التناغم ويتجاوز خطر إنفجار قنبلة التصادم.