قال الله تبارك وتعالى { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ } [سورة البقرة:120].
صدق الله العظيم .
لم تترك هذه الآية الكريمة و غيرها من الآيات و الأحاديث التي بينت الصراع الذي يعقوده قادة هذه الملل التي حرفت التوراه و الإنجيل ، و كذلك لا يخفى على أي مسلم يتلي القرآن معنى هذه الآية و غيرها .
إذا أنطلقنا من مؤتمر السلم الإفريقي المنعقد في البلاد في نسخته الخامسة تحت فخامة رئيس الجمهورية الرئيس الدوري للإتحاد الإفريقي ، هنا نكون أمام مؤتمر بقيادة دولة تدين شعبا و حكومة بدين واحد كما جاء في الدستور المادة5 “الإسلام دين الشعب و الدولة ” مع ممثلي لدول متعددة الملل بل الأمر أكبر من ذلك إذ يتعلق بتنظيم علاقات بين أمة لا تتجاوز مليارين في عالم عدد سكانه يزيد على ثمان مليارات من البشري .
من نظر إلى هذا الوضع و ما يعيشه العالم من صراعات آنية قديمة متجددة- الصراع الأزلي – سيدرك أن هذا المؤتمر مهم لمحاربة ما يقف دون التعايش السلمي و حل الصراعات بين ابناء البلد واحد – أقصد البلدان المتعددة الملل – مع الإسلام الذي و جد غريبا و يعيش غريبا خصوصا مع ضعف قادة الأمة الإسلامية و بحثهم للسلطة و السيطرة بعيدين كل البعد عن البحث عن حلول لقضايا شعوبهم التي تعيش أسوء عيشة بين جميع سكان العالم من ظلم ، و قهر ، و تجويع ، تخلف …..لدرجة جعلهم يفرون إلى دول الكفر – كما نسميها – بحثا عن العدالة و المساواة التي جاء بها الإسلام مع جميع الرسل .
من هنا تكمن أهمية هذا المؤتمر من خلال النقاط التالية :
أولا وطنيا : إننا و إن كنا و لله الحمد نعيش في بلد مختلف عن بقية البلان نعتنق دين الإسلام – دون وجود أي ملة أخرى – و نتبع مذهبا واحد ” المذهب السني” و هذه ميزة حبانا الله بها ولا توجد في بلد آخر – حسب علمي المتواضع – إلا أننا نعيش في عالم متعدد الملل و متعدد المذاهب في الدين الواحد ، فإننا نتعامل معهم إنطلاقا من إتفاقيات قانونية ثنائية أو عالمية او أعراف دبلوماسية … و هذا يعني أننا مضطرين إلى تقبل الآخر و العيش معه سواء من يأتي إلينا او من نذهب إليهم من بقية العالم سواء من محيطنا القاري او إنتماؤنا العالمي .
إننا نهاجر إلى العالم بل إن العالم أصبح يدخل إلينا في بيوتنا من خلال الهواتف و التلفاز و جميع اجهزة المعلوماتية و هو ما يفرض أن نكون على دراية بكيفية التعامل معه و العيش معه حتى نحصن أنفسنا و هذا لن يتم إلا من خلال ثقافة الحوار التي تعني التعرف على الآخر و تقبله و معرفة كيف تعيش معه و نتعامل معه في وقت القوة و الضعف ….
ثانيا قاريا : إن مكانة البلاد و موقعها كدولة سائرة في طريق النمو و ما تزخر به من ثروات و ما تشهده من هجرة من و إلى بقيت بلدان القارة المتعدد الملل و حتى المذاهب في الدين يفرض علينا أن نكون على دراية بكيفية التعامل مع الغير حكومات و رعايا تحكمها مواثيق إقليمية او ثنائية او معاملة بالمثل ، وهذا تدركه اكثر الجاليات التي تعيش في ربوع القارة من خلال ما يعايشونه من ممارسات و طقوس لم تكن مألوفة لهم و هذا يفرض التعرف على كيفية التعامل مع هكذا أمور و الأفضل أن يكون المعاشر قد امتلك خبرة او على الأقل على دراية قبل أن ينصدم ….
ثالثا عالميا : إننا نعيش في عالم ليبرالي حر تحكمه مصالح اقتصادية و مواثيق دولية عالمية رغم أن عصرنا اليوم يعتبر أفضل عصور البشرية تقنينا الا أن عالميته القانونية عمادها القوة – عسكرية ، أقتصادية – لا مكان للدين فيها بل من يمتلكون القوة و يسيطرون على العالم لا دين لهم و إن كان زعمهم لبعض المم تحججا .
إننا في عالم موحد تربطه علاقة موحدة يتأثر فيه الجميع و يؤثر و إن كانت العلاقات فيه لسيادة الدولة كما هو مشاع لكن الحقيقة أن السيادة فيه للأقوى ….
كخلاصة لهذه الأسطر و انا اكتبها مستغلا – كزرة – على منصة يتحكم فيها أناس لا أعرف جنسياتهم ،و لا دياناتهم ، و لا اعراقهم …لكنني اعرف أنهم بشر أبدعوا و أنتجوا بأفكارهم ما مكنني من التواصل مع الكثير حول العالم و أنا جالس في زاوية من منزل أحاور و أستفيد من الغير عن طريقة قواعد احددها أنا إنطلاقا من أحترامي للجميع أزنها بميزان اعرف أنني سأجني ثمرته حيا و ميتا و هذا هو حال كل إنسان و المسلم بشكل خاص مؤمن بالموت و البعث و الحسان و الجنة او النار .