الدكتور محمد الراظيالأزمة السورية ليست قضية ربيع عربي ولا وجود أصلا لربيع عربي إنما ربيع برنار هنري ليفي ومن يريد أن يعرف هذا الرجل فإنه رئيس مجلس رقابة arte القناة الألمانية الفرنسية وأحد أكبر المتصهينين في العالم وحيث يكون يجب أن نكون في الطرف المقابل.أزمة سوريا هي ربيع هذا الرجل بطبعة مشرقية حيث التداخل الكبير بين مصالح الدول والحساسيات القوية بين أنظمة الحكم والأسر الحاكمة وارتهان غالبية الدول في المنطقة لإملاءات دول كبرى والحسابات الكبيرة ذات البعد الإقليمي والدولي بحكم الصراع العربي الصهيوني….”ربيع” سوريا مؤامرة شاركت فيها قطر والسعودية تمويلا ودعاية ثم الأردن لاحقا والعمليات واجتلاب المرتزقة وتدريبهم مهمة تقوم به تركيا وأمريكا والهدف الجامع أن يسقطوا سوريا كما أسقطوا العراق…..
لم يترك حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وزير الخارجية القطري السابق أي مجال للشك ولا للتأويل فقد صرح بالتفاصيل في مقابلات عدة أجراها عام 2017 وقال فيها إنهم لا ثأر لهم مع الأسد ولكن لهم أجندات ولأسيادهم أخرى ودورهم ينحصر في تمويل العمليات كلها وشيطنة النظام وتوظيف قنواتهم الإعلامية لخدمة مشروع السيطرة الأمريكية على سوريا….فهل يستحق سقوط الأسد أن تسقط معه الدولة السورية ؟ الدول الضالعة في هذا المشروع لا تهمها الدولة السورية فهذه الدول ذاتها هي التي حيدت العراق العظيم وقضت على تجربته الوطنية والقومية ، لكن المواطن العربي كان ينبغي أن يكون درس العراق مرشدا له أن يتريث فلا ينخدع مرة أخرى بدعاية الغرب ولواقطها المحلية ….
- لا يهم إن سقط الأسد ما دامت سوريا ستبقى فقد سقطت أنظمة سورية قبله وله مناصرون سيحزنون عليه وله مناوئون سيفرحون وستسقط أخرى بعده لكن حين تسقط سوريا فمن سيعيد ترميم أرض تفككت وتناهشها الجيران ومن سيجمع شمل أقوام كل مضى في طريق ومن سيجبر الجراح وأين هو الآن لواء الأسكندرون، لقد ضاع لآماد طويلة لا يعرف أحد متى يعود ولا يعرف أحد إن كان سيعود والسلطان التركي “المسلم كثيرا” لا يخفي أطماعه في حلب ولا يتورع عن أي فعل سيساعده في ضمها لما قضم سابقا من أراضي الجمهورية العربية السورية.
الذين بشروا بغد أفضل للعراق والمنطقة حين حملتهم دبابات أمريكا هم نفس الأقوام الذين يبشرون بغد أفضل لسوريا حين تسقط دمشق.تفككت جغرافية العراق وأصبح كردستان كيانا مستقلا مرتعا للموساد ومخابرات أمريكا وتفككت لحمة العراق فأصبح المعممون هم سادة الرأي فيه، لكل معمم نصيب ولكل معتل في عقله وحسه صوت ودور ؛ لقد تبدل كل شيئ في العراق ولم يعد أحد يصدق أن عراق اليوم هو العراق ، فقِلٌَة من الناس كان يعلم قبل العدوان أن في العراق مسيحيين وأن فيه شيعة وسنة وأن فيه كلدانيين وأشوريين وأن به صابئة وسنجار، فقد كان العراق عراق الجميع ووطن الجميع وحضن الجميع ، كل يتعبد في ناحيته ويلتقي الجميع تحت سارية ثلاثية الأنجم وثلاثية الألوان يردد صباحا ومساء مع صفي الدين الحلي: بيض صنائعنا سود وقائعنا …….
خضر مرابعنا حمر مواضيناتجمع الأقوام ، نفس أقوام حلب اليوم، حوله ليقتلوه وها هو العراق اليوم، بروسيا العرب كما كان يعرف ، لا يغيظ عدوا ولا يطمئن صديقا ، مفتت الأوصال تتناهشه العصبيات والمذهبيات والحوزات والمراجع …..من يقدر ممن استبشروا بسقوط بغداد أن يقول إن العراق اليوم بخير !!!!أغلب هؤلاء الذين يعيثون في أرض سوريا فسادا اليوم أقوام من آسيا الوسطى جندتهم تركيا وأمريكا والصهائنة وأغدقت عليهم مشيخات الخليج الأموال ليعلنوا عما أسموه الثورة السورية والقليل منهم يحسن الحديث بالعربية….!!!
من سيستفيد اليوم من سقوط دمشق ؟ هل ستخسر إسرائيل ؟ وهل سيتعزز الصمود الفلسطيني واللبناني والعربي في وجه الكيان الصهيوني ؟ يقينا أن أول المستفيدين إسرائيل ويقينا أن أكبر الخاسرين فلسطين ، فسوريا قد تتخلف عن دورها مرة ولكنها تبقى تنبض بالعروبة وتتنفسها….تحييد العراق وسوريا هدف أمريكي إسرائيلي قديم وتحييد سوريا اليوم هدف قطري أمريكي إسرائيلي وأوروبي مشترك، ستتمكن قطر من مد أنابيب الغاز عبر الأراضي السورية نحو أوروبا فيتعزز استقلال أوروبا في مجال الطاقة عن روسيا وكل ما من شأنه إضعاف النفوذ الروسي في أوروبا يكون مصلحة أمريكية ستراتيجية……
لكن تحييد سوريا لن يكون تحييدا لدولة بكاملها قد تتعافى يوم تتغير الظروف السياسية فيها وفي العالم وإنما سيتم تفتيتها إلى أقاليم، هذا من نصيب تركيا وذاك من نصيب إسرائيل وسيبقى الساحل العلوي بيد الأسد وجماعته ومعروف عن العرب أنهم حين ينقسمون يكون جمعهم مهمة دونها خرط القتاد والتجربة اليمنية خير شاهد على ذلك…ليس حبا في الحكم السوري ولا تغافلا عن المآخذ الجمة عليه ولكن حبا لسوريا أرضا وشعبا وحرصا أن تبقى كيانا موحدا يجمع بين كل الذين فرقتهم السياسة والمواقف والعواطف والحسابات الضيقة فالثابت الوحيد في السياسة أنها متغيرة فقد جلس عبد الناصر على كرسي فاروق وقد جلس صدام حسين على كرسي فيصل الثاني……..فكانت مصر وكان العراق وحين تبقى سوريا سيأتي يوما من يعيد لها صورتها وبهاءها ودورها القومي الكبير…. Envoyé depuis mon appareil Galaxy