بقلم الكاتب والمحلل محمدو سعد
قبل قدوم المستعمر إلى هذ المنكب البرزخي لم تسجل حروب بين مكونات هذ المجتمع على أساس اللون، كانت هناك عبودية بدوية، و حروب من أجل النفوذ و السيطرة بين مكونات مجتمع البيظان أساسا، معروفة الأسباب و النتائج، و من نتائجها التي تهمنا في هذ المقام، هو لي أعناق النصوص الفقهية، لتأصيل العبودية في الأحكام الشرعية، ليسكن في أذهان العامة أن كل أسود يعتبر عبدا بالفطرة، يباع و يشترى و مهتوك الحرمة شرعا.
لقد ساد هذ الفكر الظلامي و أستحلت به فروج الكثير من النساء، و جهلت به طبقة كاملة.بعد قدوم المستعمر لم يغير من هذ الوضع شيئا، بل تركه عامل إنقسام و ضعف يسيطر به على المجتمع.
بل سكت عنه و كرسه.بعد ذلك جاء ما سمي بلإستقلال 1960م، و ما صاحبه من قلب للحقائق بدأ من أسطورة المقاومة، و بناء مفاهيم تأسس لبنية مجتمعية جديدة تنسجم مع تطلبات المرحلة، التي تتطلب أن يبقى المستعمر مسيطرا على مقدرات البلد و نهبها بأقل التكاليف.
فبدأ مشروع موريتانيا الجديدة بمعاقبة مكون الزنوج اولا، لأنهم اول من صوت بقوة ضد مرشح المستعمر (رزاك)، لصالح ولد حرمة مرشح التغير، و كان ذلك التصويت اول مؤشر قوي و حاسم على رفضهم للتعامل مع المستعمر، فقد أشهروا البطاقة الحمراء في وجهه نهارا جهارا في وقت مبكر و كانت مناطق الضفة تحمل نظرة ثورية متقدمة في السياسة، و كان ذلك التصويت أول مؤشر على أستعداد للزنوح على بناء دولة مواطنة مع مكون البيظان، فبدأ المستعمر و أعوانه بحملة لإقصائهم من المشهد السياسي تحت يافطة التعريب و الفرنسة.
نجح المستعمر في هدفه و أشتعل الصراع من أجل لا شىء، بين مكوني الزوج و البيظان، و تتالت المآسي و أحداث القتل خارج القانون لمكون الزنوج،بعد هذا كله، فلا نحن أصبحنا دولة عربية المناهج و الإدارة، و هو الهدف الذي همشنا و قتلنا إخوتنا الزنوج من أجله.الخلاصة أن الدولة الحديثة بنيت على قضيتين لابد من معالجتهم قبل كل شىء:. العبودية المأصلة في كتب فقه النخاسة. مظلومية الزنوج المبنية على فرق تسدبعد تصاعد الصراع مع مكون الزنوج، بدأت في بداية الثمانينات سن قوانين تجريم العبودية و تواصلت تلك التشريعات حتى يومنا، لكنها بقيت حبرا على ورق، لأن قضية العبودية رسمها الكهنوت في اذهان العامة و تربت عليها أجيال، فمحاربتها تبدأ من محاربة الفكر الظلامي للكهنوت و تحيده من المشهد السياسي و الإجتماعي.
و تواصل تشريد و تهجير الزنوج بل قتلهم بدم بارد حتى عهد قريب.و النتيجة أننا لم نتمكن من إقناع العرب، بعروبتنا بل كنا على رأس المطبعين مع اسرائيل، و فشلنا في تمويل مشاريع هامة، نتيجة للفساد و الزبونية، و بقينا دولة تحت مستوى خط الفقر، و من جهة أخرى لم نبنى دولة مواطنة ديمقراطية تحترم حقوق مواطنها و تحتضنهم جميعاو الآن او الأدق اليوم، ما نشهده من الدعوة للحوار ثم الحوار ثم الحوار……يعتبر تخبطا و هروبا الى الامام من الحقائق، فمن ينزف دما لا يمكن ان يجلس على طاولة الحوار و ما أحداث كيهيدي ببعيدة، فسياسة لي الذراع مع الشعوب لا تجدي نفعا، و سوريا الأسد هي أقرب مثال.لا حوار و لا تنمية، مع أنظمة تتستر على أحداث تعذيب و أختفاء و قتل لمواطنيها.فعندما تركنا لأحداث الدامية 1967م و 1969م، تمر دون محاسبة، بدأ الفساد في الأرض، ليتوج بأختفاء شخصيات في ظروف غامضة من أمثال ولد بسيف و اسويدات ولد وداد و والي انواذيب و محمد للمين ولد انديان و الكثير من ضباط الزنوج …..مع أحداث قتل في مخافر الشرطة و محاكمات عبثية أدت إلى سجن أبرياء تحت عنواين براقة… …لا حوار و لا تنمية مع أنظمة تصدر مؤسساتها الدستورية تقارير فساد صريحة و واضحة و لا يساءل عنها أحد.لا حوار و لا تنمية مع أنظمة تمنع مواطنيها من ترخيص أحزاب سياسية تمكنهم من ممارسة مدنية لحقوقهم السياسية.
لا حوار و لا تنمية مع أنظمة تشرف على عملية أقتراع و انتخابات تأتي بنواب و عمد لا يكتبون، لأن لهم عمق أجتماعي معين.أين وصلت محاكمات العشرية التي شلت البلد و أستنزفت إدارتهإن ما نشهده اليوم هو استفزاز، لأصحاب المظلوميات و خلط للأوراق….و يعتبر خلق لظروف مناسبة لإشعال المشهد السياسي و الإجتماعي في أجواء إقليمية و دولية غير مواتية.نعم لموريتانيا قوية و دستورية متصالحة مع ذاتها و تحترم شعبها خالية من الفساد و الزبونية.