حملت خرجة الحقوقي و النائب البرلماني الموريتاني السيد بيرام الداه أعبيد المسجلة منتصف ليل 17 إبريل 2025 على صفحة المدون سيد كماش ثاني أكبر صفحة متابعة في البلاد اعتذار الرجل عن ما بدر من إساءة أو تجريح او ما فهمه البعض أنه تحريض للكراهية تصدر عن من يحسب عليه من نواب او مناضلين في الحركة التي يتزعمها المعروفة اختصارا ب ” إيرا” او المنضمين تحت مشروع حزبه قيد الترخيص ” حزب الرك” .
و مهما كانت دوافع هذا الاعتذار او أسبابه -التي أجهلها – إلا أنه يمثل جنوح الرجل للسلم و حبه لتماسك للوطن ووحدته الذي طالما عبر عنه في جميع خرجاته و كل ما دعت الظروف إلى ذلك.
و إذا كان بيرام أعتذر عن ما بدر من أتباعه الذين كانوا معه منذ انتشاء حركة إيرا عام 2008 حتى اليوم أكثر من 17 عام أمام الراي العام الوطني والإقليمي و الدولي ألا يكون ذلك دافعا للغير أن يعتذر عن ممارسات طالت شعوب و فئات عبر قرون من الزمن و فسادا أعاق تطور وطنا منذ ميلاده حتى اليوم أي ما يزيد على 67 سنة ؟
نعم يجب أن يكون اعتذار بيرام الداه أعبيد دافع للكل على الاعتذار عن : – مظلمة شعب لحراطين التي استخدمت فيها جميع وسائل الإبادة الثقافية و الدينية و الاقتصادية و الاجتماعية وهو ما نتج عنه شرخ وطني مازالت آثاره تنهش السلم الوطني و الاندماج الاجتماعي و تقوض أي فرص للتكامل بين أبناء المكون الوطني المستعرب .
-مسألة الإرث الإنساني التي نتجت عن احداث نهاية الثمانينات و بداية التسعينات من القرن الماضي التي راح ضحيتها مئات القتلى وخلفت الآلاف بين المهاجرين و المشردين و الأيتام و الأرامل و الثكلى .
-الظلم و التهميش و التزوير و الغبن و الإقصاء و الحرمان …الذي نتج عنه أنتشار الكثير من الأمراض مثل الجهل و السرطان و غيره من الأمراض التي تفتك بالمجتمع دون تمييز بين ظالم و مظلوم صغير ام كبير بسبب تعاقب الحكومات التي نهبت ثروات الشعب الموريتاني و بثت فيه روح العداوة و التفرقة من أجل ثنائه عن قضيته الجامعة المتمثلة في إقامة دولة عادلة تسع الجميع و تنسيه عن معانات الماضي البعيد و الخوف من فوضوية المستقبل .
نعم لقد جاء هذا الاعتذار في ظرف زمني يمكن أن يقال أنه مناسب .
ظرف يقود فيه البلاد رئيس هو أقرب للحلم و أجنح للسلم و رافع شعار لنبذ الماضي المسيء كما فيه كما جاء في خطاب وادان ، و حامل للواء الجمع كما جاء في نداء چول و منادي لهبة وطنية شاملة كما جاء في خطاب شنقيط .
ظرف و البلاد مقبلة على دخول مرحلة جديدة من التطور الازدهار و النماء مع دخول تصدير الغاز الذي من المتوقع أن ينقل الاقتصاد الوطني إلى مرحلة جديدة تختلف كليا عما كان عليه .
ظرف و نحن مقبلين على حوار سيجتمع فيه الطيف السياسي لتحديد بعض معالم الوطن في وقت تشهد فيه الأحداث الدولية و الإقليمية و الوطنية منعرجا يستوجب الاتحاد في صف واحد من أجل المحافظة على الوطن الوحيد الذي لا بديل لنا عنه .
اقولها اخيرا و ليس آخرا و سأكررها كلما دعت الضرورة لذلك ان بيرام و غيره من اتباعه او من يناصره او من يتقاسم معه معانات الشعب و ينظر إليهم أنهم متطرفون او عنصريون هذه الأوصاف لا تكتب على احد و لا تولد مع آخر لكنها لن يتوقف اذ مادامت توجد أسباب تدفعها و أخرى تغذيها و لهذا وجدت قبل برام و ستتكرر رغم اعتذار بيرام ، إذ الدواب إذا مورس عليها العنف و الحرمان و التهميش تنكرت و اصبحت تبطش كيف بالإنسان العاقل المميز الذي خلقه الله و كرمه ؟
ما نحتاجه اليوم هو أن نستخدم هذا الاعتذار لنهاية المعانات و وبداية لإصلاح و طننا الذي لا يمكن أن يكون دون تحصين رموزه بالعدالة بين جميع مكوناته و مساواة امام القانون و إنصاف للمظلوم بالمشاركة في كل تسيير .
موريتانيا تحتاج الجميع و سر قوتنا في تنوعنا و تماسك وحدتنا التي جسدها ديننا الوحيد و مذهبنا السني الوحيد .
كتبه : أ. يوسف غالي معتوك